رحلة الخادم

ربنا نادى مرتين على ٧ أشخاص فى الإنجيل الحاجة المشتركة بينهم كلهم انهم كانوا خدام قبل أو بعد ما ربنا نادى عليهم مرتين، و الحقيقة هما يمثلوا مراحل نمو الخادم ١- البداية، صموئيل، كلنا فى فترة من فترات حياتنا نكون مثل صموئيل، ربنا ينادي و يدعونا للخدمة لكننا نكون ثقيلي السمع، لا نعرف ان نميز صوت الله، يظل الله ينادي : صموئيل صموئيل.

٢- نسمع و ونبدأ نخدم، لكن لاننا لم نتعلم التسليم بعد و لا نعرف حتى الله نفسه بدرجة كافية، فنخدم بعقولنا و بطريقتنا بدون أي خضوع له، فربنا ينادي علينا : شاول شاول.

٣- نسير فى سكة الخدمة المظبوطة، لكن الخدمة تتحول لعمل، و العمل يبقى كله هم و قلق، نفتكر اننا المسؤولين و ننسى ان كل شيء هو مسؤلية ربنا اولا و اخيرا، فربنا بينادي تاني: مرثا مرثا.

٤- و مع الوقت نظل نسير مع ربنا، و ربنا يمتعنا برؤية المعجزات فى الخدمة ، نرى ايديه بقوة، فنظن اننا من عملنا الإنجازات كلها، وأننا اصبحنا قديسين، و فوق الضعفات، فربنا بيثقل ايده لكي نستفيق و ينادي ثانية وثالثة: سمعان سمعان.

ه- لكن كالعادة التجربة التي من المفترض ان توقظنا، ممكن تقلب الى شعور بصغر نفس، فنبتعد عن الخدمة و نشعر بعدم الاستحقاق، فربنا يرجعنا اليه و هو ينادي يا موسى يا موسى.

٦- و بعد العمر الطويل و العشرة مع ربنا ، تبقى الحيرة فى إنجازاتنا، نشعر ان الأمل ضعيف و ان كل ما عملناه قد ضاع و ان كل شيء رديء وباطل. فربنا من طيبة قلبه بينادي علينا علشان يفرحنا بما عملناه معه. و يقول: يعقوب يعقوب.

٧- و اخيرا، بعد ما غلبنا ربنا، سلمنا حياتنا و اصبح هو كل شيء، ما بقي أي حب اكبر من حبنا له، ربنا يطلب منا نضحي بأغلى ما فى حياتنا، و طبعا نوافق بلا تفكير، لكن ربنا قلبه كبير، لا يريد منا نضحي حقا، هو يريد فقط نحبه هو اكثر من أي شئ اخر، فينادي علينا لكي يعلن اننا اخيرا بقينا خدام على حسب قلبه و يقول إبراهيم إبراهيم.

هي رحلة الخادم و سر مناداة ربنا مرتين

http://www.coptichistory.org/image/church/3030k.jpg

http://www.coptichistory.org/image/church/3030k.jpg

باب النبوءات. وسمى بهذا الاسم لانه يحكي تاريخ المسيحية. صنع في القرن السابع. من ٧ ضلف وترتيبها من الاعلى للاسفل كالاتي. العصر الرسولي، العصر الروماني حيث زجود صلبان ولكنها ليست واضحة ومتصلة. انتشرت المسيحية ولكنها مضطهدة. ثم يأتي القرن الثالث حيث انتشرت المسيحية واصبحت لها مراكز حول العالم، ثم المسيحية توحدت ابان حكم قسطنطين في صليب واحد وان كان في نهاية القرن الخامس انقسمت المملكة الى الشرق وعاصمتها بيزنطة والغرب وعاصمتها روما فنجد اثنين من الصلبان. ثم يأتي الصليب المعقوف ويقال انه وجد في حضارة هندية بالقرن الثامن، وقد استعمله هتلر كرمز للنازية. ثم القرن الثامن به صلبان كثيرة ، حوالي ١٢ وهي الانقسامات. واخيرا يأتي عصر ياتي المسيح ، الصليب الكبير في المنتصف ويجمع كنيسته.

خلاصا هذا مقداره

الخلاص العظيم
“خلاصا هذا مقداره”
في سفر النشيد تعلن العروس رغبتها القوية في ان تكون موضع حب عريسها فتقول “اجعلني خاتما على قلبك وعلى ساعدك”(نش8:6). تريد ان يكون اسمها منقوشا على صدره وعلى ساعده. لماذا؟ ﻻن القلب هو مركز الحب والساعد مركز العمل والحركة. انها تريد محبته وعمله، كلاهما!
في سفر الخروج نقرا ان رئيس الكهنة كان يحمل على قلبه وايضا على كتفيه احجارا كريمة، وفوق كل منهما نقشت اسماء عائلات شعب الله اﻻثنى عشر. والرسالة الى العبرانيين تعرفنا ان رئيس الكهنة هو رمز وظل للرب يسوع.
فالرب هو رئيس الكهنة الحقيقي الذي يحمل اسماء من امنوا به على قلبه (مكان الحب) وايضا على كتفيه (قاعدتا الحركة للساعدين واليدين) ويحملهم كاسماء ثمينة جدا في عينيه.
ايها القارئ، دعني اخبرك بشئ رائع.. ان اﻻحجار الكريمة التي كانت على قلبه كانت ترتبط بتلك التي كانت على كتفيه بسلاسل من ذهب. وهكذا فان اي اهتزاز في اﻻحجار التي على القلب كان يحرك تلك التي على الكتفين.
يا لروعة هذا الرمز! .. واذا تركت مشاعر قلب الرب نحوك، تاثرت كتفاه لتحركا يديه فتعملان ﻻجلك اعماﻻ عظيمة. ان حب الرب لك ليس مشاعر فقط .. انه حب عملي قوي !
يقدم لنا مزمور 107 خلاص الرب من 6 نواح.
1- خلاص من التيه:
من هو التائه؟
هذا شخص يبحث عن اﻻستقرار المالي فيسافر الى بلد بعيد وﻻ يجني سوى القلق والتعب. تيه عبر عنه المرنم في المزمور “تاهوا في قفر بلا طريق. لم يجدوا مدينة سكن. جياع عطاش اعيت انفسهم فيهم”.
ايها القارئ، ان كانت هذه حالتك. فما العمل؟
فلننصت الى ما تقوله باقي كلمات هذا المقطع.
“صرخوا الى الرب في ضيقهم فانقذهم وهداهم طريقا مستقيما (اي مختصرا وواضحا) ليذهبوا الى مدينة سكن”.
ما المقصود بالصراخ؟
انه اظهار اﻻحتياج والرغبة في النجاة.
تعال الى الرب واظهر رغبتك في النجاة من التيه والتعب.. هو مريح التعابى “تعالوا الي يا جميع المتعبين..”. ستظل اصداء هذه الكلمات يتردد صداها في ارجاء العالم كملاذ لكل انسان متعب.

2- خلاص من القيود:
“الجلوس في الظلمة وظلال الموت موثقين بالذل والحديد.. عثروا وﻻ معين”.
ما اعظم خلاص الرب الذي قال “جئت ﻻنادي للماسورين باﻻطلاق.. ارسل المنسحقين في الحرية”.
نكمل القراءة:
“اخرجهم من الظلمة وظلال الموت. قطع قيودهم.. كسر مصاريع نحاس وقطع عوارض حديد”.
كل من يضرخ الرب سينال حرية مجد اوﻻد الله. انها حرية مجيدة، اذ ان التحرر من ذل الخطية يعقبه كرامة ومجد ابديان. قال احدهم: ما معنى ان تتواضع؟ ياتي شخص ﻻبن ملك ويخاطبه بلقب حضرة الباشكاتب، .. هل هنا يضعه ام يرفعه؟! “ايها اﻻحباء ، نحن اوﻻد الله، وﻻ نعلم ماذا سنكون. لكننا نعلم انه اظهر سنكون مثله”(1يو) سنكون مثله ﻻننا على صورته كاوﻻد يشبهون اباهم.

3- خلاص من المرض:
“كرهت انفسهم كل طعام واقتربوا ال ابواب الموت.. ارسل كلمته فشفاهم”. هو اخذ اسقامنا..

4- خلاص من الخطر:
“يتمايلون يترنحون كسكران.. يهدئ العاصفة فتسكن ويهديهم الى المرفا الذي يريدونه”

5- خلاص من العوز:
“من ضغط الشر والحزن”. والشر هنا ليس الخطية لكنه بلايا المحن. “يامر لك الرب بالبركة في خزائنك في كل ما تمتد اليه يدك”(تث28: 8). يقول الرسول بثقة “فيملا الهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد”.
لقد عبر المقطع اﻻخير عن الخلاص من العوز فشبهه بالبرية القاحلة وقد ملاها الله ينابيع “يجعل القفر غدير مياه وارضا يابسة ينابيع مياه”. تذكر فقد اشبع الرب الجموع ومهما كانت امكاناتك قليلة فسيصنع بها المعجزات.

مقدمة في سفر الرؤيا

سفر الرؤيا
اقسام السفر
تحوي مقدمة سفر الرؤيا تعريف بالسفر، حيث يدون الرائي “كتاب اعلان”. وفي اليونانية “ابوكالبسيس” وتعني كشف حقائق غير معلنة. والموضوع: عمل المسيح خلال التاريخ وحتى مجيئه. ثم ينفرد بتطويب خاص “لمن يقرأ وللذين يسمعون”. ﻻحظ انه كان يقرأ في الكنيسة فلم تكن الطباعة منتشرة كما اليوم. لماذا التطويب؟ اوﻻ، ﻻن “الوقت قريب” فالمسيح “ياتي مثل لص في الليل”. لذا فهو سفر كتب بالوحي لمؤمني القرن اﻻول ولكل العصور.
لقد غسلنا من الخطية.
نحن مملكة: امة و مجتمع جديد في العالم.
نحن كهنة: لنا علاقة مباشرة مع الله.
مجئ المسيح:
الجميع سينظره.
مجيئه سيكون صادما لملايين ممن تجاهلوا دعوته – مفرحا لمن اطاعوه. “يوحنا شريككم في الضيق وفي انتظار الملكوت”.
يوحنا لم يهرب من الضيقة.
يسوع هو “اﻻول واﻻخر”. يسوع هو “الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ”(رؤيا ٢: ١). مثل رب عمل يدير عمله، هو ساهر على كلمته ليجريها (ار١). وهو ايضا يتتبعنا طوال الطريق لئلا ننحرف عن طريق الملكوت “وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ. (إشعياء ٣٠: ٢١).
يسوع له “سلطان الموت والهاوية” لذلك فالمؤمن ﻻ نجزع من الموت.
الرسائل الى الكنائس: انها امر الهي ان يكتب الرائي عن – الماضي – الموقف اﻻن – المستقبل.
الغرض من الكتابة: يعطي رجاء – ليريهم ما ﻻبد ان يكون فهو يشبع فضول الانسان في التطلع الى المستقبل – تشجيع وتعزية خلال الاوقات الصعبة – واخيرا ليحذرهم: من التخاذل، اﻻستسلام او يساوموا على ايمانهم وليحثهم: ان يبقوا مخلصين امناء.
نوع الكتابة:
السفر النبوي الوحيد في العهد الجديد. ابوكالبسيس تعني “اعلان” او كشف الحجاب، عن حقائق واسرار.”. اي “مَا رأيت وما هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هذَا. (رؤيا ١: ١٩). الماضي (ص١). الحاضر (٢-٤). ما عتيد (٥-٢٢).اي التنبؤ باﻻحداث حتى نهاية الدهور. اذا هو من نوع الكتابات الرؤيوية او اﻻبوكالبسية. وهي كثرة منها: اسفار عزرا 4 و اخنوخ اﻻول وباروخ الثاني.وهي تشمل: احلام ورؤى وتكتب بلغة رمزية – اﻻلوان و تتنبا بانهزام الشر واﻻشرار وانتصار البر واﻻبرار.
ما هي الخلفية النبوية لسفر الرؤيا ونهاية اﻻيام؟ يوجد عدة نصوص كتابية منها: مت24 -25 – رسالة تسالونيكي اﻻولى 4-5 و2تس2 -دانيال 9. ﻻحظ انه ينبغي ان ندرس سفر الرؤيا مقارنة بهذه اﻻسفار.
اما العلامات التي وردت فيها فيمكن تمييز 16 علامة منها هي كالتالي:
تسمعون باخبار حروب فلا ترتاعوا
تقوم امة على امة وتكون زﻻزل
ما فات هو مبتدا اﻻوجاع
تسلمون الى اﻻضطهاد والموت
يترك الكثيرون ايمانهم
اﻻنبياء الكذبة يظهرون
لكثرة اﻻثم تبرد محبة الكثيرين
يكرز باﻻنجيل
تظلم الشمس
علامة ابن اﻻنسان في السماء
يرسل ملائكته ببوق عظيم2تس2
اﻻرتداد اوﻻ
انسان الخطية يظهر
يجلس في هيكل الله منصبا نفسه الها
سر اﻻثم يعمل اﻻن
الرب يظهر ويبطله بنفخة فمه

تقسيم السفر
1- ما رايت:
الرب القائم في السماء
2- ما هو يكون:
الرسائل
انذارات باﻻضطهاد القادم ووصايا .
3- ما هو ات:
الضيقات – مج

علامات الحياة

اهدى احد الاصدقاء لابنتي سلطعونا كهدية. فرحت به ابنتي واحضرت له كل ما بدى انه يناسب حياته. احضرت رمالا ليحفر فيها مسكنه. وفرت له في الحوض الزجاجي قطعا من الخبز والخضروات كطعام. ولكن يوما ما، وبعد ان بدا السلطعون سعيدا بكل هذا. اختفى فجأة. انتظرنا اياما.. شهرا.. واعتقدنا انه مات. ولكن اخيرا ظهر. كان حيا رغم انه بدى لوهلة انه ميت. كلما اتذكر ، تاريخ شعب اسرائيل، ما دون في اسفار الانبياء من نبوات عن البقية.. البقية الناجية، انال جرعة من الرجاء. لمدة سبعين عاما ظن الشعب انهم فقدوا كأمة. ٧٠ عاما مدة كافية ان تجعل جيل كامل يفقد هويته. لكن كل هذا يتغير. عند قراءة سفر عزرا نجد المضايقات التي حدثت لهم ابان ٣ عهود، في حكم الملوك داريوس واحشويرس وارتحشستا. تنتهي ويحدث تغيرا جذريا في علاقة الملك داريوس الثاني معهم ، ويعيد نفس سيناريو كورش المتسامح معهم. يعطيهم اموالا من خزانته الملكية ويطلب منهم ان يجددوا الهيكل ويقدموا عليه ذبائح عن حياته وحياة بنيه وسلامة المملكة, ويصدر مرسوما يتوعد كل من يقف ضدهم.

ما سبق يضع امامنا سؤالا، ما هي علامات الحياة؟ نظن كثيرا ان شخصا ما فقد الحياة لانه فقد بهجتها، او ضاعت منه انجازاته فيها، او لانه فقد الحياة ذاتها، ونردد ما قيل في الامثال “كلب حي خير من اسد ميت”. على ان الحياة سر الهي، سر عجيب. والفطرة او السنن التي تحكم الحياة سننا ثابتة راسخة، تبدو لنا بسيطة حينا ومعقدة احيانا اخرى. الغرائز التي تحكم تصرفات البشر نحو انفسهم والاخرين يمكننا ان نميز ثلاثة منها بوضوح، الصراع للبقاء او حب الحياة، الامومة او رابطة الدم والقرابة، الميل الجنسي او غريزة التكاثر. انه الناموس او القانون الطبيعي. وهو موجود في كل كائن حي. من خلال الحياة ذاتها يصل الله لكل انسان. اننا نقرأ تعبيرات ونرى ممارسات تدل على تقوى الله، تبارك اسمه، في مختلف الحضارات والعصور.

الله هو يهوة اي “الكائن”. هو الابدي ، “هو امس واليوم والى الابد”. “الذي كان ويكون وايضا ياتي”(رؤ٢). على هذا هو وحده ينظر الى المستقبل وكأنه ماض و”يدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة (رو٤: ٧). وجزء كبير من اسفار الانبياء هو وحي تعليمي عن طريق الحياة ذاتها، تدوين التاريخ عن ممالك ومدن وامم .. القضاء الالهي والتعاملات الالهية الرقيقة سواء ، على المستوى الفردي والجماعي ..
في سفر اشعياء مثلا ذكر كل الممالك المحيطة بإسرائيل وتنبأ عنها. ذكرها لما لها من تأثير، ولكي يؤخذ منها عبرا. فشريعة الله ليست اوامر ونواهي، بل هي قصة بها تأديب الابوة او عقاب المعلم للتهذيب والتلمذة.

لم يعش الانبياء في معزل عن شعبهم كأنهم طبقة اعلى من عامة الشعب، بل قدموا نبوتهم من خلال حياتهم ذاتها، من خلال اوقات البهجة والاحزان، كلاهما، من خلال المراثي وايضا من خلال الاغاني والتسابيح.
لم يعش الانبياء كذلك بمعزل عن سياسة بلادهم وتداخلاتها مع السياسة الخارجية في الامم المجاورة.
هل كان اشعياء ينتحب عندما تكلم عن سقوط بابل وقال، “لِذلِكَ امْتَلأَتْ حَقْوَايَ وَجَعًا، وَأَخَذَنِي مَخَاضٌ كَمَخَاضِ الْوَالِدَةِ. تَلَوَّيْتُ حَتَّى لاَ أَسْمَعُ. اَنْدَهَشْتُ حَتَّى لاَ أَنْظُرُ. (إشعياء ٢١: ٣). “أتَاهَ قَلْبِي. بَغَتَنِي رُعْبٌ. لَيْلَةُ لَذَّتِي جَعَلَهَا لِي رِعْدَةً. (إشعياء ٢١: ٤).. “احشائي تئن في..”. او كان يمسك بآلة موسيقية وهو يقول “في ذلك اليوم يغنى بهذه الأغنية..”(٢٤). او هو يقدم الرجاء لصور بعد خرابها “وَيَكُونُ مِنْ بَعْدِ سَبْعِينَ سَنَةً أَنَّ الرَّبَّ يَتَعَهَّدُ صُورَ فَتَعُودُ إِلَى أُجْرَتِهَا، وَتَزْنِي مَعَ كُلِّ مَمَالِكِ الْبِلاَدِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. (إشعياء ٢٣: ١٧).

ابرع جمالا من البشر

عندما قال المرنم “ابرع جمالا من البشر” في انشودة العرس عن الملك هل كانت عيناه اجتليتا بجماله؟ خرجت العروس في شوق عظيم تبحث عن عريسها، واذ لم تجده سألت الاخرين عنه، في لهفة قالت “احلفكن يا بنات اورشليم اذا وجدتن حبيبي ان تخبرنه اني مريضة حبا”. عندها تسأل العذارى العروس في دهشة “ما حبيبك ايتها الجميلة حتى تحلفينا هكذا؟”. ففي الحال تبدأ العروس في التغني باوصاف عريسها.
ولما كان العريس يحصي (في ص4) صفات عروسه الجميلة في عينيه أحصى لها ٧ نواح لذلك الجمال، وها هي تصوره _ له المجد _ فتذكر ١٠ خصال لحبيبها مبتدئة من الرأس، فهي تقول:
١- راسه ذهب ابريز: نحن لا نعلم مقاصد الله السامية. افكار المسيح هي المقياس الصحيح لكل شيء، ونشكر الله لان أفكاره لا يعتريها أي نقص.
٢- قصصه مسترسلة حالكة كالغراب:
فقصصه المسترسلة والحالكة (أي السوداء) ترينا فيه نشاط الشباب وقوته باستمرار، فهو ليس كأفرايم الذي “قد رش عليه الشيب وهو لا يعرف”(هو7: 9) أما رب أفرايم وسيده فلا تتطاول عليه علامات الانحلال. قصصه المسترسلة إشارة إلى ربنا يسوع المسيح هو النذير الحقيقي الذي لم يدنس عهد انتذاره (أي تكريسه) لله لحظة واحدة (عدد6: 5).
٣- عيناه كالحمام:
في صمتها تتكلم بلغة أكثر وضوحا من كلام الشفتين، عندما نظر الرب إلى الجالسين حوله (مر3: 34) كم كانت تحمل تلك النظرة من معان!
في سفر الرؤيا (ص5) يتحدث الرائي عن الخروف الذي له “سبع أعين” وواضح ان الرقم سبعة يشير إلى الملء والكمال “لان عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة
نحوه”(2أخ16:6). ولقد رأت العروس عيني حبيبها في صورة عن اللطف والوداعة “كالحمام على مجاري المياه” كما رأت فيهما أجمل صورة للطهارة والنقاوة “مغسولتان باللبن”.
٤- خداه كخميلة الطيب: لقد اصطبغ خداه بالاحمر كما تصبغ الحناء البشرة التي تلامسها. الأعداد التي تشير إلى ضرب سيدنا وربنا يسوع على خده ترينا ان خدي العريس يرسمان أمامنا صورة رمزية لاتضاعه بالنعمة!

٥- شفتاه سوسن:
انها تقطران مرا مائعا الذي عو من اغلى العطور. كلمات الرب تعلق دنيا البشر بالحنان وتعاليم الحب.

٦- “يداه مرصعتان بالزبرجد”. يدا المسيح التي تمسك بزمام الامور مرصعتان بحجر كريم، ذلك لان اعماله مجيدة. يدا المسيح التي بنت كنيسته على الصخر. يدا المسيح التي تحمل خرافه وتحميها من الذئاب “خرافي في يدي..”.

٧-“بطنه كالعاج”. البطن هي الأحشاء، مركز المشاعر. قالت العروس قبلا “أنّت عليه أحشائي” فقد كانت أحشاؤها تئن حنينا إلى عريسها، أما الآن فقد سما تفكير العروس فهي ليست مشغولة بأحشائها هي بل بأحشائه هو.
أظهر الله عطفه بكيفية عجيبة في العهد القديم من نحو شعبه الأثيم “هل أفرايم ابن عزيز لدي أو ولد مسر؟ لأني كلما تكلمت به أذكره بعد ذكرا من أجل ذلك حنّت أحشائي إليه. رحمة أرحمه يقول الرب”(أر31: 20) ولكن في المسيح وحده اظهر محبته وشفقته واضحة.
اختبر الرسول بولس شيئا من حاسيات قلب المسيح وعواطفه حتى استطاع ان يقول للفليبيين “أشتاق إلى جميعكم في أحشاء يسوع المسيح”(في1: 8).
لقد ندمت العروس لعدم اكتراثها بعريسها عندما قرع بابها، ففتحت الباب ولكن “نفسها خرجت”(ع 6) أي أغمي عليها لانها وجدت انه ادبر. نعم، فتحت الباب، لكن بعد فوات الاوان. ولما خرجت لتطلبه وجدها الحراس (ع 7) وضربوها وحفظة الأسوار رفعوا إزارها ولعلهم ظنوا أنها زانية طائفة في المدينة.
ان الانات التي نئن بها في انفسنا وتئن بها الخليقة كلها لهي تختلف عن انات الروح الذي يشفع فينا، يشفع من خلالنا عن الخليقة. انها وان كانت انات الا انها صلاة من نوع عظيم، هي شفاعة، انها انات تحولت الى صلاة. عمل الروح يصاحبه دائما الهدوء، وهو عميق، انات عميقة بحيث لا ينطق بها.
ليس الروح يشفع فينا فحسب، بل ان المسيح هو ايضا “واذ هو عن يمين الاب يشفع فينا”. نحن نتحد بالمسيح في صلاته. وصلاتنا لن تكون مقبولة الا من خلال صلاته وشفاعته فينا.
انها انات المؤمنين، لا انات الروح. كثيرا ما يعجز المؤمنين عن التعبير عن اشواقهم بالكلمات، فتصدر من خلال زفرات اعمق من كل الكلمات. تعجز اللغة عن التعبير عن مكنونات القلب، كما ان الفرح “لا ينطق به ومجيد”(١بط١: ٨)، ذلك لان عطايا الله لا يعبر عنها “شكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها”(٢كو٩: ١٥).

٨-ساقاه عمودا رخام:
وفي هذا إشارة جلية إلى ثبات واستقرار كل شيء مرتبط بالمسيح، فقد جعل الله كل شيء مرتبطا به متصفا بالثبات.
“رخام” تشير إلى اللون الأبيض والنقي، وأنه لمن الملذ ان نلاحظ ان اللون الأبيض يلازم الأوصاف التي تصف بها العروس حبيبها “حبيبي ابيض”. عيناه “مغسولتان باللبن” وكذلك “السوسن” فأنه ناصع البياض، ثم “العاج الأبيض” و “عمودا الرخام” وهذه كلها توحي بان اللون الأبيض الناصع من مميزات الحبيب. ففوق جبل النجلي “كان لابسه مبيضا اكثر من الثلج”.

تأملات في مثل الزارع

(كان يا ما كان) هذه الثلاث كلمات مشهورة في العالم كله، وكم كان لها تأثير على النشء وكل انسان. قصص الحب والوفاء والفداء وكل معاني الفضيلة والجنال سمعنا عنها وتصورت في مخيلتنا من خلال قصص حكيت لنا. لذلك لا نتعجب ان قرأنا في الانجيل ان يسوع “بدون مثل لم يكن يكلمهم”(مر٤). المثل هو قصة. وهذا الاصحاح نجد فيه قصتين عم الملكوت استخدم فبهما البذار كتشبيه.
في عام ١٨٧٩م قام شخص يدعى وليام بيل عالم نبات بملء ١٢ زجاجة بانواع مختلفة من البذور. كان يختبر حيوية البذور بتجربة سوف تدوم لعدة قرون. وكل ٢٠ عاما يتم اخراج زجاجة وزراعة ما بها من بذور. في عام ٢٠٢١ اخرجت زجاجة من زجاجات وليام بيل ووجد ان بعض البذور انبتت. اي انه بعد عام ١٤٢ عاما كانت البذور حية.
كثيرا ما تحدث يسوع عن الملكوت بتشبيه البذور. على الخادم ان يدرك ان عليه نثر البذور في مل الاراضي. رغم انه لا يعلم اي منها سينبت. كما انه عليه ان يتشجع فانه يمكن بعد سنوات كثيرة – كما في تجربة بيل – تنبت احد البذار.
اود ان اخذ مثل الزارع، وهو يحوي ٣ مكونات؛ البذار، التربة والزارع. البذرة هي كلمة الله. التربة هي نحن. اما الزارع فهو مصدر الكلمة ، الله وخدامه. سوف اقدم تلمثل من خلال قصة حياتي.
المرحلة الاولى من طفولتي المبكرة وحتى سن. المراهقة. ولدت من ابوين غير متدينين، كان مصدر الكلمة في تلك السنوات، عمتي التي اشترت لي الانجيل المصور، واحد اصدقاء العائلة الذي كان يأخذنى الى الكنيسة كلما سنحت الفرصة.
في سن الرابعة عشر، انفصل والداي ، وبدات حالة والدتي العقلية تتدهور. ذلك كان سببا في الحادي. اكن شكرا لله لم يتركني بل ارسل الي خدامه حبث بذر كلمته في من جديد. وهذه المرحلة تمثل البذار على الصخر ، نبتت لفترة قصيرة ثم احترقت، دفنت الايمان وصفقت الباب امام مراحم الله وتعاملاته الحانية معي.
في السادسة عشر، كان لي الحظ ان التحق بمدرسة خاصة ملحق بها كنيسة. وواظبت على دروس درس الكتاب المقدس ويمكن ان اشبه تلك المرحلة بالنباتات وسط الشوك. فما اكثر حروب عدو الخير، ولكن بنعمة الله ازيلت جميعها. فتن الظروف تبدا ما كانت عائقا عن وصول احسانات الله الينا ، لذا يحق لنا ان نهتف مع الرسول “من سيفصلنا عن محبة المسيح..؟”. ليس لاننا اقوياء ، وحقا نحن اقوياء بالله، لكن لان محبة الله اقوى، محبة الله تحصرنا، وتسد كل منافذ يمكن ان يخترقها العدو او تجتاحها سيول العالم.

المحبة لا تحسد

الحسد احد الخطايا السبعة المشهورة في الادب النسكي والتي تدعى الخطايا المميتة او امهات الخطايا. اول خطية حسد كانت حسد ابليس للانسان. نقول في القداس الباسيلي (الموت الذي دخل الى العالم بحسد ابليس هدمته). قايين حسد هابيل وقتله. واشهر قصص عن الحسد نجدها في الكتاب المقدس، هي قصة يوسف الذي حسده اخوته على قميصه الملون وعلى احلامه .. والحسد مرتبط بالغيرة، فقد غارت ليئة من راحيل لانها جميلة فاستأسرت بزوجها يعقوب بينما غارت راحيل من ليئة لانها تنجب.. وشاول الملك حسد داود حين غنت بنات اسرائيل قائلات (قتل شاول الوف وداود ربوات).. السيد المسيح اسلمه رؤساء اليهود للصلب حسدا. “المحبة لا تحسد»: الصفة السلبية الأولى في قائمة صفات المحبة. الحسد ميل في القلب واشتهاء أن يكون لي ما للآخرين لكن الحسد لا يضر الآخرين بل يضر الحاسد نفسه الاعتقاد أن نظرة الحاسد تضر الآخرين اعتقاد خاطئ الحسد يضر الذي يحسد. يأكل الحسد قلبه ويطفئ حياته الروحية. يقول الشاعر: اصبر على كيد الحسود فان صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها اذا لم تجد ما تأكله ويوجد فرق بين الغيرة والحسد الغيرة هي أن أتمنى أن أكون مثل الآخر وأحصل على ما حصل عليه لكن الحسد هو أن أتمنى أن يزول ما عنده وآخذه أنا وهذه عاطفة رديئة وهذا ما فعله أخوة يوسف إذ يقول الكتاب «فحسده أخوته» (تك37: 11) ويقول الوحي عن اليهود «لأنه (بيلاطس) علم أنهم أسلموه (أسلموا الرب يسوع) حسداً» (مت27: 18).

ما كنا نظنُّ أنهُ يمكن لقديسين، بل لأصحاب مواهب روحية أيضًا مثل اهل كورنثوس أن يكتب اليهم هذه الكلمات وان يقعوا في خطية الحسد. ولكن هكذا صار معهم وهكذا يصير معنا أيضًا أوقاتًا كثيرة. ويمكن أيضًا أن نكرز بالمسيح عن حسد وخصام (فيلبي 15:1). الرسول لا ينكر مسيحيتهم مع أنهُ استقبح تصرفاتهم. هل يظن البعض ان الحسد خطية صغيرة؟ لقد قتل الحسد هابيل (تكوين ٣:٤-٨)، واستعبد الحسد يوسف (تكوين ١١:٣٧، ٢٨)، ووَضَع الحسد يسوع على الصليب. ‏

والحسد خطية باطنية غير ظاهرة، ولكنها خطيرة. يقول الرسول “أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟ (يعقوب ٤: ٥). يعقوب يبدو عليه وكأنه يقتبس من العهد القديم، غير أن هذه الكلمات لم تَرِد قطّ في أي مكان من العهد القديم، ولا حتى من ضمن كتب الأبوكريفا.  ثمة تفسيران محتملان.  أولاً، وحيث لا ذكر لهذه الكلمات بالذات في العهد القديم، فقد يكون يعقوب اقتبسها بصفتها ما يعلِّمه الكتاب المقدس بشكل عام.  أما الحل الثاني للمشكلة، فتعرضه علينا الترجمة الإنكليزية المعروفة بالمنقحة، إذ إن هذه الترجمة أوردت هذا العدد على شكل سؤالين: ”أم تظنون أن الكتاب يتكلم باطلاً؟“ ”الروح الذي حل فينا هل يشتاق إلى الحسد؟“.  والفكرة هنا هي أن الكتاب المقدس لا يستخدم الكلمات سُدى في معرض إدانته لروح التنافس الدنيوية.
   إن الصعوبة الرئيسية الثانية في هذا العدد تتعلَّق بمعنى جزئه الثاني.  فالمشكلة هي هل الروح المقصود هنا هو الروح القدس، أم روح الشهوة الحاسدة.  فإن كان الاحتمال الأول هو المقصود، تكون الفكرة أن الروح القدس الذي جعله الله يحل فينا، ليس هو أصل الشهوة والحسد الذين يسببان النزاع، بل إنه يدفعنا بغيرة إلى تقديم الولاء للمسيح على نحو كامل.  لكن، في حال صحّ الاحتمال الثاني، فالمعنى عندئذ يكون أن الروح الساكنة فينا أصلاً، أي روح الشهوة والحسد، هي السبب في عدم أمانتنا لله على نحو كامل.

موضوعات ذات صلة:

قصة عن شيطان الحسد، للكاتب ابراهيم المصري

مفتدين الوقت

في كل عصر يظهر وسيلة يسئ الانسان استخدامها. ظهر الديناميت فاستخدمه الانسان لصنع القنابل، وليس لتمهيد الطرق وازالة الحواجز وهدم البنايات القديمة. ظهرت الطاقة النووية فاستخدمت في الحروب. ومنذ امد غير بعيد ظهر التلفاز والى وقت قريب كانت شكوى الوالدون من انه يستهلك وقت ابنائهم بما يؤثر سلبا على احوالهم الدراسية والاجتماعية والصحية..

يعلمنا الرسول “مفتدين الوقت لان الايام شريرة”. هذه هي المرة السابعة والأخيرة التي فيها يشار إلى السلوك في الرسالة الى افسس. هذه الرسالة التي يرسم فيها الروح القدس مقامنا السماوي باعتبارنا جسد المسيح الرأس المقام من بين الأموات والممجد عن يمين الاب، وكيف اننا بوركنا فيه (أي في المسيح) بكل بركة روحية في السماويات لذا ينبر الروح القدس في هذه الرسالة على السلوك العملي أكثر مما في أية رسالة أخرى. وهذا يجعلنا نتيقن ان الخلاص ليس بالايمان فقط، بل لابد ان يكون السلوك مقياس او مراة لهذا الايمان. وهذه الحقيقة معروفة للاقدمين ، فنجد في فاتحة محضر جلسات مجمع نيقية قول الاباء (السلوك القويم ينتج من ايمان قويم). لذلك كان نضال الاباء ليس من اجل العقيدة كمجموعة اعتقادات وافكار عقلية بل كاساس للحياة القويمة.

مُفْتَدِينَ ٱلْوَقْتَ: توجد كلمتان يونانيّتان للدلالة على ٱلْوَقْت. الأولى تحمل ببساطة فكرة تتابع يوم بعد يوم وساعة بعد ساعة. أمَّا الأخرى فتحمل فكرة جزء محدَّد من الوقت، أي زمن حدوث شيء ما. فهناك فرق بين وقت وٱلْوَقْت. والمقصود هنا هو ٱلْوَقْت. إنه موعد محدَّد للفرص التي يجب على المؤمنين انتهازها. وقد تُرجِمت هذه الكلمة نفسها بكلمة «فُرْصَة» في غلاطية ١٠:٦.
• بولس لا يطلب منا الاستفادة القصوى من كل لحظة، مع أنَّ هذه نصيحة جيّدة. إنَّما يأمرنا أن ننتهز الفرصة لمجد يسوع. إنَّها ليست الاستفادة القصوى من الوقت، ولكن لتحقيق أقصى استفادة من الفرص السانحة.

لِتَنْظُرْ عَيْنَاكَ إلى قُدَّامِكَ وَأَجْفَانُكَ إلى أَمَامِكَ مُسْتَقِيماً. مَهِّدْ سَبِيلَ رِجْلِكَ فَتَثْبُتَ كُلُّ طُرُقِكَ. لاَ تَمِلْ يَمْنَةً وَلاَ يَسْرَةً. بَاعِدْ رِجْلَكَ عَنِ الشَّرِّ ” (ام٤: ٢٢-٢٥).

الضمير

مقدمة: لن تجد كلمة اكثر استخداما في السنة البشر اكثر من الضمير. الكل يتحدث عنه ولا احد يقدر ان ينكر عمله في تهذيب واصلاح الجانب الخلقي في حياة كل انسان حتى وان لم يتحدث عنه، حتى وان لم يدر بذلك صراحة. لقد وجدنا حتى من اطلق عليهم برابرة قديما يقولون ما ينم عن وعيهم بوجوده. فعندما نشبت الافعى في يد بولس الرسول بعد ان تحطمت به السفينة على جزيرة مالطة يقول “لابد ان هذا الانسان القاتل لم يدعه العدل يحيا”. فهم بشهادة الطبيعة والتاريخ يعون تماما بعدالة السماء وبما تقيمه من محكمة داخل كل انسان متمثلة في ابرز قضاتها الضنير . فللضمير شهادة، وهي شهادة مصدقة من البشر، يحتكمون اليها. قال الرسول عن الامم في زمانه “الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً، (رومية ٢: ١٥). فبالرغم من وثنيتهم وعدم معرفتهم لله، الا انه توجد شريعة داخل قلوبهم ، ليست الشريعة في حد ذاتها مثلما الحال مع المؤمنين الذين نالوا وعد الله اجعل نواميسي في داخلهم واكتبها على قلوبهم”. ولكنها “عمل الناموس‘‘، هو إقناع الإنسان بالخطية وإدانته عليها. هذا العمل مكتوب في داخل كيان البشر الأدبي يجعلهم يميزون بين الخير والشر، فضميرهم وأفكارهم تشتكي ضدهم عندما يخطئون أو تحتج في صالحهم عندما يفعلون حسنا.
مثّل الرسول الضمير والأفكار بأعضاء مجلس في نفس الإنسان اجتمعت للمشاورة في ما يجب أن تعمله فبعضها حثّ على الحلال وبعضها على الحرام فبعضها دان النفس على ما فعلت وبعضها صوّبها. انها الصراع الداخلي او الحرب الباطنية بين القوى العليا والقوى الدنيا والسرور الذي يناله الإنسان بإطاعة ضميره والحزن الشديد والندامة على مخالفة الضمير. ‏ولكن يا للأسف، دائما ما ينتهك الإنسان ضميره (وحي الله الداخلي للإنسان) تماماً كما انتهك وحي الله المكتوب.
يمكن للإنسان أن يُفسد هذا العمل، لذا فالضمير يختلف من شخص لآخر. وكما نعرف أيضاً إن ضميرنا قد يتلَف بسبب الخطية والتمرد، ولكن يمكن استعادته في يسوع.
كثيرا ما نسمع هذا السؤال، ماذا عن الذين لا يعرفون الله، أولئك الذين لم يسمعوا مطلقاً كلمة الله بطريقة مباشرة لا يزال لديهم بوصلة أخلاقية هي الضمير.
لاحظ معي أيها القارئ، ان الضمير هو اول حجة لجأ اليها بولس في دفاعه عن نفسه في محاكمة دينية  “فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي الْمَجْمَعِ وَقَالَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ للهِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ». (أعمال الرسل ٢٣: ١) لقد ترك اليهودية إلى المسيحية ومع ذلك يدعي انه فعل ذلك بوحي الضمير، وأنه طالما كان له ضميرًا صالحًا!
لكن علينا ان نلاحظ امرا من جهة شهادة التبرير، فطالما قرأنا بولس يعترف ان الانسان خاطئ غير مبرر على الاطلاق، فكيف يتحدث عن (ضمير صالح)، هل عنى بذلك الصلاح و “ليس احد صالحا الا الله”؟. لقد استخدم بولس شهادة الضمير لأنه كان يقف أمام المحكمة العليا في إسرائيل إلا أنه كان يعلم أن ليس فيه أي شيء صالح واعتمد على تبريره في المحكمة السماوية. فالضمير النقي ليس له  أساس ثابت عندما يقع تحت مجهر الله. تصريح بولس في كورنثوس الأولى ٤:٤ له صلة وثيقة بالموضوع: فَضَمِيرِي مُرتاحٌ، وَلَكِنْ لَيسَ هَذا هُوَ ما يُبَرِّرَنِي، بَلِ الرَّبُّ هُوَ الَّذِي يَحكُمُ عَلَيَّ.
تدريب الضمير:
” أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ. (أعمال الرسل ٢٤: ١٦). الضمير اذا كأي عضو في الجسد يقوى بالمران ويضعف بالاهمال. لذلك لا عجب ان بعض الناس ضميرها نائم واخرين ضميرهم مات. وبولس الرسول في المقطع السابق يقول انه بلا عثرة. العثرة تكون من نحو الله نسميها اليوم (عقدة الذنب) يشعر الانسان انه منفصل بخطيته عن الله، ولا ظالة له عنده، فيهرب من الله كما فعل ادم الجد الاول وكما فعل قايين ويونان..
لكن العثرة من نحو البشر ايضا هامة. اجتهد بولس في أن لا يعثر اليهود لأنه يقول «صرت لليهود كيهودي» (1كورنثوس 9: 20) وقال ذلك دفعاً لتوهمهم انه يبغضهم او يغيظهم.
وهذا يجعلنا نأتي الى السؤال، الى من نحتكم في موضوع عثرة الاخرين، هل ضميري ام ضمائر الاخرين؟ فبناءا على قول بولس السابق، هو مهموم بنظرة الاخرين له، ومن اجل الكرازة فعل ما كان لا يتوقعه احد، فقد ختن تيموثاوس وهو الذي علم بان الختان قد بطل.
هنا نسمع اجابة الرسول نفسه “أَقُولُ «الضَّمِيرُ»، لَيْسَ ضَمِيرَكَ أَنْتَ، بَلْ ضَمِيرُ الآخَرِ. لأَنَّهُ لِمَاذَا يُحْكَمُ فِي حُرِّيَّتِي مِنْ ضَمِيرِ آخَرَ؟ (١ كورنثوس ١٠: ٢٩). وواضح من الاجابة انه ضمير الاخر، ليس من اللياقة ان تقول طالما ضميري مرتاح فلا يهم ان كانت ضمائر الاخرين معثرة! قد يقول المؤمن في نفسه هذا القول: لماذا أجعل الآخر يحكم في حريتي؟ الجواب لأن الامتناع لا يعطيه فرصة أن يحكم عليّ. لماذا أُعرِّض حريتي لإدانة ضميره؟  لماذا أسمح أن يُفترى على صلاحي؟  (انظر رومية 14: 16)“.
كما رأينا حرص بولس الرسول على ان يحتفظ بضمير صالح بلا عثرة من نحو الناس. لكن هل هذا يتم عمليا؟ بالطبع لا، فمهما فعل الانسان لن يحظى بشهادة حسنة من جميع الناس وكما اورد يسوع المثل “زمرنا لكم فلم ترقصوا. نحنا لكم فلم تلطموا”. وقال ايضا “ويل لكم ان قال فيكم جميع الناس حسنا”. وكما قال الرسول “ان كنت ارضي الناس فلست عبدا للمسبح”. لقد فعل ما جعله هدفا لمقاومة وشكاية كثيرين، وكان هذا بصدد قضية الختان.
لكن الرسول يعود ويعول كثيرا على شهادة الضمير اذ يقول “لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا. (٢ كورنثوس ١: ١٢). بولس الذي قال “ليس لي فخر ..” نجده قانعا وراضيا بحكم ضميره.
واذا كنا قد حاولنا من خلال اقوال الناس عن الضمير ثم استعرضنا بعض ما تعلمه كلمة الله ، نعود فنقول ان كلمة الضمير لهي اكثر كلمة معروفة بين شعوب العالم. كتب الفلاسفة اليونان كثيرا عنه وسموه الانسان الباطن والقوى العليا .. وكتب الادباء كثيرا عنه ويتحفنا دوستويفسكي بقصة مؤثرة عن قاتل معذب من ضميره في روايته (الاخوة كروماوف) فيقول:
اوضح لي زائري الغامض منذ اصبح صديقي، كيف انه لم يعاني في اول الامر من تبكيت الضمير. لقد شعر بالتعاسة امدا طويلا، ولكن ليس بسبب عذاب الضمير، بل لأنه قتل المرأة التي احبها.. وقد ابدى نشاطا كبيرا في امور البر، فاسس ودعم مؤسسات الاحسان في المدينة، وانتخب عضوا في الجمعيات الخيرية. ولكن كثيرا ما راوده ذكرى جريمته.
واخيرا ارتد بخياله واعجب بفتاة وتزوج منها  على امل ان يبدد هذا الزواج كآبته ووحشته. كوعندما اخبرته زوجته انها ستضع طفلا اضطرب وقال في نفسه: انني وهبت حياة، ولكنني سلبت حياة. وولد له اطفال فكثرت تساؤلاته: كيف تواتيني الجرأة على ان احبهم واعلمهم واثقفهم، وكيف انشئهم على الفضيلة؟ لقد سفكت دما”. وكان اولاده على قدر كبير من الجمال فاذا تاق الى مداعبتهم، وجد نفسه يقول: انني لا استطيع النظر الى وجوههم البريئة التي تتجلى فيها الصراحة. انني لست اهلا لذلك.
واخيرا اخترق شبح ضحيته حجاب ضميره، .. لقراءة باقي القصة اقرأ قصة الزائر الغامض

موضوع ذو صلة
اقوال مأثورة عن الضمير

http://egboshra.blogspot.com/2011/12/blog-post_8723.html?m=1

عذاب الضمير
http://egboshra.blogspot.com/2014/11/blog-post_18.html?m=1

الضمير والناموس
http://egboshra.blogspot.com/2012/11/blog-post_3.html?m=1

قصة عن عذاب الضمير : الزائر الغامض